[go: up one dir, main page]

انتقل إلى المحتوى

لاهوت ويزلي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اللاهوت الويزلي، أو الويزلي الأرميني، أو الميثودي، هو تراث لاهوتي في المسيحية البروتستانتية قائم على تعاليم الأخوين الإنجيليين الإصلاحيين ابني القرن الثامن عشر، جون ويزلي وتشارلز ويزلي. بالمعنى الأوسع يشير اللاهوت الويزلي إلى النظام اللاهوتي الذي استُدلّ عليه في مواعظ كثيرة (منها المواعظ الأربع والأربعون)،[1] ورسائل لاهوتية وصحف ويوميات وترانيم وكتابات روحانية أخرى للأخوين ويزلي ومساعديهم الذين عاصروهم مثل جون ويليام فلتشر.

في عام 1736، سافر الأخوان ويزلي إلى مستعمرة جورجيا في أمريكا ليبشّرا بالمسيحية، ثم تركاها خائبين لما رأيا. خاض كلاهما بعد ذلك، «تجارب دينية»، لا سيما جون عام 1738، وتأثرا تأثّرًا جليلًا بالمسيحيين المورافيين. بدأ الأخوان تنظيم حركة تجديد في كنيسة إنكلترا يركّزان بها على الإيمان الشخصي والقداسة. اتّخذ جون ويزلي الكنائس البروتستانتية منبرًا لينتقد طبيعة التقديس، وهو العملية التي يتّخذ بها المؤمن صورة المسيح، وليؤكد على تعاليم العهد الجديد بشأن عمل الله والمؤمن في التقديس.

سمّي اللاهوت الويزلي الأرميني، الذي يظهر اليوم في الميثودية (تشمل هنا حركة القداسة) على اسم مؤسسيه، وخاصة منهم جون ويزلي، وكذلك جاكوبس أرمينيوس، لأنه فرع عن اللاهوت الأرميني. كان الأخوان رجال دين في كنيسة إنكلترا، والتراث الويزلي مشابه للعقائد الأنغليكانية. ولكن، يركز الويزلي على الإيمان الشخصي والتجربة الشخصية، خصوصًا الولادة الجديدة والقناعة ورحلة الإيمان المستمرة واحتمال التقديس الكامل. في خدمته الأحدية شمل جون ويزلي بنود الدين (بيان رسمي للعقائد الميثودية) واتّخذ من المواد التسعة والثلاثين (عقائد كنيسة إنكلترا) نقطة بداية.[2] يؤكد اللاهوت الويزلي على السلطة الأولية للنص المقدس، ويؤكد على الفهم الأرثوذكسي للمسيح، كما كان في القرون الخمسة الأولى.

خلفية

[عدل]
جاكوب أرمينيوس

تطورت العقائد الويزلية الأرمينية محاولةً لشرح المسيحية على نحو مختلف عن تعاليم الكالفينية. الأرمينية هي دراسة لاهوتية أجراها جاكوبس أرمينيوس من هولندا، في معارضة منه للمذهب الكالفيني على أساس حرية الإرادة.[3] في عام 1610، بعد موت أرمينيوس وأتباعه، قدّم الريمونسترانتيون بقيادة سيمون إبيسكوبيوس وثيقة لهولندا. تعرف الوثيقة اليوم باسم «مواد الاعتراض الخمس».[3] أما العقيدة الويزلية، فقد تأسست على تعاليم جون ويزلي، وهو إنجيلي إنكليزي، وقد أُخذت معتقدات هذه العقيدة من كتبه الكثيرة، ومنها مواعظه وصحيفته وتلخيصاته لأعمال لاهوتية وعبادية وتاريخية مسيحية، ومن مجموعة من الأوراق والرسائل المتعلقة بقضايا لاهوتية. بعد ذلك، اتحدت النظريتان في مجموعة واحدة من القيم للكنيسة المعاصرة، ولكن، إذا دُرست كل نظرية على حدة، تبيّن ما يميّزها، وتبيّنت أيضًا المثل المشتركة.[3]

جون ويزلي

في أوائل سبعينيات القرن الثامن عشر، أكد جون ويزلي، مدعومًا بكتابات جون ويليام فلتشر اللاهوتية، العقائد الأرمينية في جداله مع الجناح الكالفيني من الإنجيليين في إنكلترا. ثم في عام 1778، أسس صحيفة لاهوتية سماها المجلة الأرمينية. كانت هذه الفترة مؤثرة في أثناء الجدال الكالفيني الأرميني، لأنها أسست رابطًا راسخًا بين العقيدتين الأرمينية والويزلية.[4]

يُذكَر أن ويزلي زار المورافيين في جورجيا وألمانيا ليختبر معتقداتهم، ثم أسس الحركة الميثودية، وهي أمّ مجموعة من الطوائف الميثودية الحالية. لم تكن رغبة ويزلي تأسيس فرقة جديدة، بل إصلاح الأمة و«نشر القداسة الكتابية» لأنها هي الحقيقة.[5] ولكن تأسيس العقيدة الويزلية الأرمينية تطور اليوم وأصبح أساسًا لكثير من الكنائس المعاصرة. لم يزل التراث الويزلي الأصلي في الطوائف الميثودية المتنوعة، ولكنه نُقّي وفُسّر ليكون أساسًا لطوائف أخرى، منها فيبي بالمر وحركة القداسة (التي تشمل الميثودية ولكنها انتشرت في طوائف أخرى أيضًا)،[6] وفينياس بريسي وكنيسة النصرانيين، وويليام سيمور وجناح القداسة الويزلي في الحركة الخمسينية، الذي تمثله طوائف منها كنيسة القداسة الخمسينية العالمية.[7][8]

مميّزات الويزلية

[عدل]

تعريف الخطيئة

[عدل]

يفرّق اللاهوت الويزلي أوّلًا بين الخطيئة الأصلية والخطيئة الفعلية:[9]

«الخطيئة الأصلية هي التي تفسد طبائعنا وتزرع فينا النزعة إلى الخطيئة. الخطايا الفعلية هي الخطايا التي نفعلها كل يوم قبل أن نُخلَّص، كالكذب والسبّ والسرقة.[9]»

وللويزليين فهم خاص لطبيعة الخطيئة الفعلية، إذ يقسمونها إلى مجموعة «الخطايا الخالصة» و«الخطايا غير الخالصة».[10] قال جون ويزلي: «ليست الخطيئة إذا أردنا الدقّة، إلا انتهاكًا لحكم الله المعلوم. ومن ثم، فإن كل انتهاك لشريعة الحب خطيئة، ولا شيء سوى ذلك خطيئة، إذا تكلمنا بدقة. أي ليّ أكثر للموضوع ليس إلا فتح طريق للكالفينية».[11] بهذا الفهم الأضيق للخطيئة، اعتقد جون ويزلي أن العيش من دون خطيئة ليس ممكنًا فحسب، بل وضروريًّا (الكمال المسيحي). شرح ويزلي هذا في تفسيره للآية 3:8 في سفر يوحنا الأول: «من يلتزم بالاتحاد به، بحب الإيمان وعدم الخطيئة، يلتزم به هو أيضًا. ومن يذنب فلن يراه، لأن العين المحبّة لروحه ليست ناظرة إلى الله، ولا هو عارفٌ له بعد ذلك، مهما كان قد فعل في الماضي».[12]

الخلاص

[عدل]

الغفران

[عدل]

ينتمي اللاهوت الويزلي الأرميني تمامًا في تراث الغفران بالاستبدال، ولكنه رُبط أيضًا بنظريات المسيح المنتصر والأثر الأخلاقي. [13] يربط جون ويزلي، في تأملاته في رسالة كولوسي 1:14، بين الاستبدال العقابي والنصر على الشيطان في ملاحظاته التفسيرية على العهد الجديد: «إن الرحمة التطوعية لسيّدنا أطفأت غضب الأب، ومنحتنا غفرانًا وقبولًا، وفكّكت بذلك سلطة الشيطان وقوته التي لا تكون إلا بخطايانا».[13] في توضيح له للآية 3:8 من سفر يوحنا الأول، يقول جون ويزلي إن المسيح يتجلّى في قلوب البشر ليدمر عمل الشيطان، ومن ثم فهو يجعل نظرية المسيح المنتصر «جزءًا من إطار الغفران بالاستبدال».[13]  تبيّن ترنيمتا تشارلز ويزلي الميثوديتان الإلهيتان «أيها الخاطئون عودوا، لماذا ستموتون» و«هل يمكن أنني سأكسب» أنّ تضحية المسيح كانت مثالًا للحبّ العظيم، وتدينان في الوقت نفسه المؤمن المسيحي على خطاياه، ومن ثم تستعملان نظرية الأثر الأخلاقي في قلب بنية الاستبدال العقابي، وهو موافقة للاهوت التنوير الأوغسطي. تؤكد العقائد الويزلية أيضًا على الطبيعة التشاركية للغفران، حيث يموت المؤمن الميثودي روحانيًّا مع المسيح، والمسيح يموت من أجل البشر، كل هذا ظاهر في الترنيمة الميثودية التالية:[13]

«امنحنا عيون الإيمان لنرى

   الرجل المصلوب في الجلجلة،
   لنعرفك، أنت
   الإله الواحد الأبدي الحق
   واجعل المنظر يؤثر ويُخضع
   ويكسر قلبي العنيد...
   أزل خمار الكفر عني،
   وبحبك الجليّ،
   وبدمك المهدور،
   دمّر حبّ الخطيئة فيّ،
   وانصر نفسك،
   وأعدني إلى الله...
   الآن اجعل حبك الميت يقيد
   روحي لتحب ربها مرة أخرى،
   لتمجّد ربها،
   وها أنا، آتي إلى صليبك لأشاركك،
   وأكرر صلاتك القربانية،

   وأموت مع مخلّصي[13]»

يرسم المؤمن المسيحي نفسه بطريقة صوفية في مشهد الصلب ليعيش قوة الخلاص التي فيه.  في العشاء الأخير، يعيش الميثودي نفسه الطبيعة التشاركية للغفران الاستبدالي ليرى أنها «السر الذي يرينا موت المسيح ومعاناته، الذي ننتقل به إلى تجربة الصلب».[13] أما قضية مصير الجاهل، فقد كتب ويليارد فرانسيس مالاليو، وهو قس ميثودي، في «بعض الأشياء التي تعتقد بها المثيودية»:

«انطلاقًا من افتراض إمكان الخلاص لكل روح مفتداة، ومن أن كل الأرواح مفتداة، قالت عقيدتنا الأساسية إن التوبة إلى الله والإيمان بسيدنا المسيح عيسى هما الشرطان اللذان ينجو كل الذين التزم بهما، ما دام عاقلًا بما يكفي ليُسأل عن أفعاله، وما دام قد سمع بشرى الخلاص. في الوقت نفسه أكدت الميثودية على أن كل الأطفال الذين ليسوا خاطئين عن عمد، وكل غير المسؤولين، يخلَّصون برحمة الله المتجلية في عمل المسيح الغفراني، وأن كل الناس من أي أمة، إذا خافوا الله وعملوا صالحًا، فهم مقبولون عنده، بفضل المسيح الذي مات من أجلهم، وإن لم يسمعوا به. اعتقد اللاهوتيون الميثوديون بهذا الرأي ودافعوا عنه منذ البداية. ويمكن أن يقال أن الميثودية توجب نفسها على كل العقلاء المفكرين غير المتحيزين، لأنها مذهب عقلي ونقلي، ولأنها في الوقت نفسه شريفة عند الله ورحيمة عند الإنسان.[14]»

مراجع

[عدل]
  1. ^ Wesley، John. "John Wesley's Forty-Four Sermons". مؤرشف من الأصل في 2021-05-13. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-11. {{استشهاد ويب}}: الوسيط غير المعروف |بواسطة= تم تجاهله يقترح استخدام |عبر= (مساعدة)
  2. ^ Melton, J. Gordon (1 Jan 2005). Encyclopedia of Protestantism (بالإنجليزية). Infobase Publishing. p. 48. ISBN:9780816069835. Among the items deleted by Wesley as unnecessary for Methodists were articles on Of Works Before Justification, which in Calvinism are largely discounted, but in Methodism lauded; Of Predestination and Election, which Wesley felt would be understood in a Calvinist manner that the Methodists rejected; and Of the Traditions of the Church, which Wesley felt to be no longer at issue.
  3. ^ ا ب ج Stanglin, Keith D.; McCall, Thomas H. (2012). Jacob Arminius: Theologian of Grace (بالإنجليزية). Oxford University Press. p. 153. ISBN:9780199755677. Archived from the original on 2022-03-19.
  4. ^ Stevens, Abel (1858). The History of the Religious Movement of the Eighteenth Century, called Methodism (بالإنجليزية). London: Carlton & Porter. Vol. 1. p. 155.
  5. ^ Thorsen, Don (2005). The Wesleyan Quadrilateral: Scripture, Tradition, Reason, & Experience as a Model of Evangelical Theology (بالإنجليزية). Lexington, Ky: Emeth Press. p. 97.
  6. ^ Winn, Christian T. Collins (2007). From the Margins: A Celebration of the Theological Work of Donald W. Dayton (بالإنجليزية). Wipf and Stock Publishers. p. 115. ISBN:9781630878320. In addition to these separate denominational groupings, one needs to give attention to the large pockets of the Holiness movement that have remained within the United Methodist Church. The most influential of these would be the circles dominated by Asbury College and Asbury Theological Seminary (both in Wilmore, KY), but one could speak of other colleges, innumerable local campmeetings, the vestiges of various local Holiness associations, independent Holiness oriented missionary societies and the like that have had great impact within United Methodism. A similar pattern would exist in England with the role of Cliff College within Methodism in that context.
  7. ^ Dayton، Donald W. "The Holiness and Pentecostal Churches: Emerging from Cultural Isolation –". www.religion-online.org. Religion Online. مؤرشف من الأصل في 2021-04-15. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-12.
  8. ^ Knight III، Henry H.، المحرر (2010). From Aldersgate to Azusa Street: Wesleyan, Holiness, and Pentecostal visions of the new creation. Eugene, Or. ISBN:978-1630876562.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
  9. ^ ا ب Rothwell, Mel-Thomas; Rothwell, Helen F. (1998). A Catechism on the Christian Religion: The Doctrines of Christianity with Special Emphasis on Wesleyan Concepts (بالإنجليزية). Schmul Publishing Co. p. 53.
  10. ^ Whidden, Woodrow W. (18 Apr 2005). "Adventist Theology: The Wesleyan Connection" (بالإنجليزية). Biblical Research Institute. Archived from the original on 2019-06-30. Retrieved 2019-06-30.
  11. ^ John Wesley, The Works of John Wesley, Third Edition., vol. 12 (London: Wesleyan Methodist Book Room, 1872), 394.
  12. ^ John Wesley, Explanatory Notes Upon the New Testament, Fourth American Edition. (New York: J. Soule and T. Mason, 1818), 661.
  13. ^ ا ب ج د ه و Wood, Darren Cushman (2007). "John Wesley's Use of Atonement". The Asbury Journal (بالإنجليزية). 62 (2): 55–70.
  14. ^ Mallalieu, Willard Francis (1903). The Fullness of the Blessing of the Gospel of Christ (بالإنجليزية). Jennings and Pye. p. 28.