ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار
ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
■ "! ") ا) /
ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺘﻔﺤﺼﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻭﻗﻊ
ﺃﺳــﻴﺮﺍ
ً ﻣﻨﺬ ﻋﺼــﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳــﻊ ﻋﺸــﺮ
ﻟﻨﺰﻋﺘﻴــﻦ؛ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﻫﻲ ﻫﻴﻤﻨــﺔ ﻣﺒﺤﺚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻭﻫــﻲ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴــﺔ ،ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ
ﺍﻟﻨﺰﻋﺘﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﺒﻌــﺾ .ﻟﻘﺪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ﻟﺮﻭﺍﺩ ﺍﻹﺻﻼﺡ
ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﺣﻮﻝ ﺳــﺆﺍﻝ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺜّﻠﻪ
ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﻟﻘــﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴــﺆﺍﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﻬﻤﺎً ﻟﺸــﻤﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤــﺪﻱ ﻭﺃﻛﺜﺮ
ﺍﺗﺴــﺎﻋﺎً ﻓﻲ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻺﺳــﻼﻡ ﻛﺮﺅﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴــﺔ ﺫﺍﺕ ﺗﻀﻤﻴﻨــﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻭﺣﻀﺎﺭﻳﺔ .ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻏﻠﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ
ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﺧﺘﺰﻝ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺍﺭﺗﻜﺰ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﻮﻱ ﺍﻷﻭﻝ
ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻔﺴــﻴﺮ ﻭﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ /ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳــﺐ ﻭﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻣﻦ
ﺃﺟﻞ ﻃﺮﺡ ُﺳﺒ ٍﻞ ﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﻋﻤﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ
ﺍﺳــﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺮﻛﻴﺰﻩ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴــﺔ ،ﻭﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻛﻨﻤﺎﺫﺝ
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ،ﻟﻘﺪ ﺃﻭﻗﻊ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﺽ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺃﺳــﻴﺮﺍ ﻟﻤﺎ ٍ
ً ﻣﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺴــﺘﺤﻴﻞ .ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴ ٍﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺩﺕ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻃﺮﺡ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺍﻹﺣﻴﺎﺋﻲ
ﺑﺎﺣﺚ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ـ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ. ■
391
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﺃﺳــﻴﺮﺍ ﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎﺕ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﻓــﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ
ً ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ
ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ،ﻭﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ،ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ
ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ .ﺇﻥ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻮﻥ
ﺽ ﻳﻮﺗﻮﺑﻲ ﺧﻼﺻﻲ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺪﺍﺭﺳــﻬﻢ ﻭﻣﺸــﺎﺭﺑﻬﻢ ﻫــﻲ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﻟﻤــﺎ ٍ
ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺣﻴﺚ »ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ«.
ﻟﻘﺪ ﺃﻗﺼﺖ ﺍﻟﻨﺰﻋﺘﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻮﻳﺔ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻــﺮ ،ﻭﻻ ﻧﺠﺪ ﺃﻗﻞ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﺍﻟﺘــﻲ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﻃﺮﺡ
ﻣﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ .ﺣﺎﻭﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻗﺒــﺎﻝ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑــﻪ )ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ( ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺭﺅﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻟﻠﺰﻣﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻹﻧﺴــﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ،ﻭﻛﺄﺳﺎﺱ ﻟﻨﻬﻀﺔ ﻻ
ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬﻭﺍ ﻣﻦ
ﻓﻜﺮﻩ ـ ﺧﻼﻑ ﺷــﻌﺮﻩ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ـ ﺇﻻ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﻟﻤﺴﻠﻤﻲ
ﺍﻟﻬﻨﺪ .ﻭﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﺴــﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺳﺪ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﻧﻔﺴــﻪ )ﺍﻹﺳـــﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﺍﻟﻄﺮﻕ( ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ
ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺘﺒﺸﻴﺮﻳﺔ »ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ« ﻭ»ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ« ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ
ﺻﺪﻯ ﻭﺍﺳــﻌﺎً ،ﻭﺃﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺮﺳــﻴﺦ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴ ﻴﺴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ. ﻻﻗﺖ ً
ﺇﻥ ﺃﻏﻠﺐ ﻣﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸــﺮﻳﻦ ﻗــﺪ ﺩﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﻃﺮﺡ
ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴــﺔ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ،
ﻧﻘﺪ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻟﻠﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ .ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺍﻷﻣــﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺑﻨﺎﺀ ٍ
»ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻴﻦ«؛ ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻘّﺎﺩ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻴﻴﻦ ﻟﻺﺳــﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﻬﻮﺍ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻧﻘﺪﻫﻢ
ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻓﻮﻗﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﻓ ﺦ ﺍﻟﺠﺪﺍﻻﺕ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ.
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗــﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﻔﻜﺮﻱ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻓــﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻫﻮ
1
ﻓﻜﺮﻳﺎً ﻹﻋﺎﺩﺓ ﻃﺮﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ،ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺃﻧﻤﻮﺫﺟﺎً ّ
1ـ ُﻭﻟﺪ ﺿﻴــﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ Ziauddin Sardarﻓﻲ 31ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1951ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴــﺘﺎﻥ ،ﻭﺗﺮﺑﻰ ﻭﻧﺸــﺄ ﻓﻲ
ﻫﺎﻛﻨﻲ ،Hackneyﺑﺸــﺮﻕ ﻟﻨﺪﻥ .ﺃﻇﻬﺮ ﻣﻨــﺬ ﺻﻐﺮﻩ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣــﺎً ﺑﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻓــﺪﺭﺱ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨــﺔ ﺑﻠﻨﺪﻥ ،ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺇﻟــﻰ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴــﻌﻮﺩﻳﺔ 1974ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ
ﻟﺨﻤﺲ ﺳــﻨﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﺠــﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﺤﺞ ،ﻭﺧــﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ
392
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ .ﻳﺘﺮﻛﺰ ﻓﻜﺮ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻏﻴﺮ ﺫﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻴﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﻮﻝ »ﺑﻨﺎﺀ
ﻣﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺳــﺎﺱ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﻛﺄﺳــﺲ ﻟﺒﻨﺎﺀ
ﻣﺴــﺘﻘﺒﻞ ﻣﺰﺩﻫﺮ ﻟﺸــﻌﻮﺑﻪ ﻓﻲ ﻇــﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺘﺴــﺎﺭﻉ ﺍﻟﺘﻐﻴــﺮ ،ﻭﻳﺘﺴــﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻘﺪ
ﻭﺍﻟﺘﺸــﺎﺑﻚ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗــﻪ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎﻩ« .ﻭﻳﻌﺒﺮ ﻓﻜﺮ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻋﻦ ﻣﺰﻳــ ٍﺞ ﺛﺮﻱ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴــﻪ ﺃﻧــﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺮﻳﺤــﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺮﻭﻧﻲ ،1
(Science, Technology, and ﺍﻧﺘﻘــﻞ ﻓــﻲ ﺃﺭﺟــﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟــﻢ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﻟﻴﺠﻤــﻊ ﻣــﺎﺩﺓ ﻛﺘﺎﺑــﻪ ﺍﻷﻭﻝ
) ،Development in the Muslim Worldﻋﺎﻡ ،1977ﻭﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺃﺻﺪﺭ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ
ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸــﻬﻮﺭﻳﻦ ﺑﻴــﻦ ﻣﺴــﻠﻤﻲ ﺍﻟﻐــﺮﺏ ) ،(The Future of Muslim Civilizationﻋﺎﻡ .1979
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺮﺍﺳــﻞ ﻣﺠﻠﺘــﻲ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﺸــﻬﻴﺮﺗﻴﻦ Natureﻭ New Scientistﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸــﺮﻕ
ﺍﻷﻭﺳﻂ ،ﻭﺃﻧﺸﺄ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﻣﺠﻠﺔ Inquiryﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﻣﺮﺍﺳــﻼ ﻓﻲ ﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﻟﻨﺪﻥ ،ﻭﺃﺳﺲ
ً ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﻞ ﻓﻴﻪ
ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ East-Westﺑﺸﻴﻜﺎﻏﻮ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .ﻭﺍﻧﺘﻘﻞ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ً
ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﺍ ﻟﻠﺴﻴﺪ ﺃﻧﻮﺭ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ً ﻋﻤﻞ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺰﻳﺔ، ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻟﻤﺒﻮﺭ ﻛﻮﺍﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻓﻲ
ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻷﺳــﺒﻖ ﻭﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿــﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻧﺘﺸــﺮﺕ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻭﺃﺻﺒﺢ
ﻛﺎﺗﺐ ﻋﻤﻮﺩ ﺻﺤﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻠــﺔ ،New Statesmanﻭ The Guardianﻭ The Independentﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ،
ﻭﺣﺮﺭ ﻣﺠﻠﺔ Futuresﺍﻷﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻋﺎﻡ ،1999ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ
ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺄﺳــﺘﺎﺫ ﺯﺍﺋﺮ ﻟﺪﺭﺍﺳــﺎﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻟﻨﺪﻥ .ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﻴ ًﺎ
ﻛﺄﺳﺘﺎﺫ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ .Middlesexﻭﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ،ﺑﺮﺯ
ﻗﺪﻡ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺇﺫﺍﻋﻴﺔ ﻭﺗﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ،ﻭﺃﻧﺘﺞ ﻭﻗﺪﻡ ﺃﻓﻼﻣﺎً ﻭﺛﺎﺋﻘﻴﺔ ﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻛﺈﻋﻼﻣﻲ ﺣﻴﺚ ّ
ﻗﺪﻡ ﺑﺮﺍﻣﺞﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ BBCﻭﺑﺮﺍﻣﺞ ﺣﻮﺍﺭﻳﺔ ،Conversations of Islam Encounters with Islamﻛﻤﺎ ّ
ﺃﻋﺪ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻣﺸــﺎﺑﻬﺔﺣﻮﺍﺭﻳﺔ ﻋﻠــﻰ ﺗﻠﻴﻔﺰﻳــﻮﻥ ،Sky Newsﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨــﺎﺀ ﺭﺣﻼﺗﻪ ﺍﻵﺳــﻴﻮﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﻋﻀﻮﺍ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ
ً ﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻧﺎﺕ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺔ ﻭﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ ،2005ﺍﺧﺘﻴﺮ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ
ﻟﻠﻤﺴــﺎﻭﺍﺓ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻥ ،ﻭﻳﺘﺮﺃﺱ ﺣﺎﻟﻴّﺎً ﺍﻟﻤﻌﻬﺪ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﺑﻠﻨﺪﻥ ،ﻭﻫﻮ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ
ﻣﺆﺧﺮﺍ ﻣﺠﻠﺔ Critical Muslimﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺮﺃﺱ ﺟﻤﻌﻴﺔ ً ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ،ﻭﺃﺻﺪﺭ
،Black Umbrella Trustﺍﻟﺘــﻲ ﺗﺼﺪﺭ ﻣﺠﻠﺔ The Third Textﺍﻟﻤﺨﺘﺼــﺔ ﺑﺘﻘﺪﻡ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻓﻲ
ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .ﻃﺮﺡ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺳــﻴﺮﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻴــﻦ ﻫﻤــﺎ Desperately Seeking Paradise:
) Journeys of a Sceptical Muslim (2004ﻭ Balti Britain: A provocative Journey Through Asian
ﻋﺪﺗﻪ ﺟﺮﻳــﺪﺓ ﺍﻹﻧﺪﺑﻨﺪﻧﺖ ﻣﺜﻘﻒ ﻧﻘﺪﻳﺎً ،ﻓﻴﻤﺎ ّ
) Britain (2008ﻳﺼﻒ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻧﻔﺴــﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺜﻘﻔﺎً ّ
ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ،ﻭﺍﺧﺘﺎﺭﺗﻪ ﻣﺠﻠﺔ Prospectﻛﺄﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺜﻘﻒ ﺷﻌﺒﻲ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.
http://ziauddinsardar. com/ ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻹﻟﻴﻜﺘﺮﻭﻧﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ
ﺍﻟﺒ ْﻴ ُﺮﻭﻧﻲ ) 973ـ (1048ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻣﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ،ﺍﺷﺘﻬﺮ 1ـ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺮﻳﺤﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ َ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﻓﻠﻜﻴّﺎً ﻭﺭﺣﺎﻟﺔ ﻭﺭﻳﺎﺿﻴّﺎً ﺑﻤﻮﺳﻮﻋﺘﻪ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﻢ »ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ
ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ« ﻭﻣﻮﺳﻮﻋﺘﻪ ﻋﻦ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻬﻨﺪ »ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻟﻠﻬﻨﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻟﺔ«.
393
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﺳــﻮﻋﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒّﺮ ﻋﻦ ﺗﺪﺍﺧــﻞ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺣﺘﻰ
ﺍﻟﻬﻮﻳﺎﺕ؛ ﻓﻴﻜﺘﺐ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﻫﻮﻳﺎﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ؛ ﻓﺮﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﻴﺶ
ﻓﻲ ﺍﻟﻐــﺮﺏ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐــﺮﺏ ،ﻭﺭﻏــﻢ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ؛ ﻓﺈﻧــﻪ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ
ﺍﻷﺻﻮﻟﻴــﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ،ﻭﺭﻏﻢ ﺧﻠﻔﻴﺘــﻪ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺷــﺮﻙ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ
ﺍﻟﻬﺮﻣﻴﺔ ،ﻭﺭﻏﻢ ﺍﺳــﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ﻷﺩﻭﺍﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪﺍﺛﻴّﺎً
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ .ﺇﻧﻪ ﻳﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ »ﺍﻵﺧﺮ«
ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ،ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ،
ﻭﻣﻦ ﺛَ ﻢ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ،ﻭﺃﻥ ﺗﻌﻜﺲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ
ﺃﺻﻮﺍﺗﺎً ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺳﺎﺋﺪﺓ.
ﻭﻳﻨﻄﻠﻖ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴــﻌﻰ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ
ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺛَ ﻢ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺳــﺮﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﺳﻮﺍﺀ
ﺃﻛﺎﻧﺖ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺃﻡ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﻭﻫﻮ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻧﻘﺪ ﺳﺮﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴ ٍﺮ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎً ﻭﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻓﻘﺪ
ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻯ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ،ﻫﻮﻳﺎﺗﻴﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﻋﺪﻳﺪﺓ؛ ﺣﻴﺚ ﺳــﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻴﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺯﻳﻴﻦ .ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺄﺯﻕ ﺧﻄﻴﺮ ﻣﻊ ﺇﻏﻼﻕ ﺑــﺎﺏ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ؛ ﺣﻴﺚ ﻭﻗﻊ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻛﺮﺅﻳﺔ
ﺃﺳــﻴﺮﺍ ﻟﻸﺻﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺛَ ﻢ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻓــﻲ ﻣﺄﺯ ٍﻕ ﻛﺒﻴ ٍﺮ،
ً ﻛﻮﻧﻴﺔ
ﻭﺗﺤﺪ ﻛﺒﻴــ ٍﺮ ،ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺘﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺪ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻠﻪ ،ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻛﺸــﻔﺘﻪ ٍ
ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺳــﺒﺘﻤﺒﺮ /ﺃﻳﻠﻮﻝ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ ﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺭﻭﺡ
ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﻮﺓ ﺗﺤﺮﺭﻳﺔ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻟﺘﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻗﻴﻢ
ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ،ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﻄﻦ ﺍﻟﻤﺴــﻠﻤﻮﻥ ﻛﻞ ﺗﻤﺜﻴﻼﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻗﻴﺔ 1ﻟﻬﻢ .ﺇﻥ
1ـ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ،ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ :ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺕ :ﻓﺨﺮﻱ ﺻﺎﻟﺢ،
ﺃﺑﻮ ﻇﺒﻲ :ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻛﻠﻤﺔ ،ﻁ .2012 1ﻳﺴﺘﻜﻤﻞ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺪﺭﻩ ﻋﺎﻡ 1999ﻣﺴﻴﺮﺓ
ﻣﻦ ﺳــﺒﻘﻪ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺩ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻕ )ﺃﻧﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ،ﺇﺩﻭﺍﺭﺩ ﺳــﻌﻴﺪ ،ﺳــﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻄﺎﺱ ،ﻫﺸﺎﻡ ﺟﻌﻴﻂ،
ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ( ،ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﺳــﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻼﺕ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻗﻴﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ
ﻭﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸــﺮﻕ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺒﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﻓﻦ
ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ،ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﺳــﺘﻴﻌﺎﺏ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪﻫﺎ
394
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪ ﺃﺻﻴﺐ ﺑﻤﺮﺽ ﻋﻀﺎﻝ ،ﺗﺒﺪﻭ ﻣﻌﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗ ﻢ ﺑﻨﺎﺅﻫﺎ
ﻋﺒﺮ ﻗﺮﻭﻥ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻭﺻﺎﺩﻗﺔ .1ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻼﺕ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻛﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻌﻼﺝ
ﺩﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻌﻀﺎﻝ :ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻐﻼﻕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ.
ا را'ت ا < ? :ا fب
ﻳﻬﺪﻑ ﻣﺸــﺮﻭﻉ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺇﻟــﻰ ﻋﺼﺮﻧﺔ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻭﻧﻘــﺪ ﺍﻟﺤﻀــﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻭﻫــﻮ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻬﺪﻓﻴﻦ ﻫﻤــﺎ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻟﻌﻤﻠﺔ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ،ﺇﻥ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
-ف " 7وع 'ردار إE
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴــﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻧﻘﺪﻳﺔ
Zاﻹ'ﻼم و ا!nرة ﺗﻤﻴﻴﺰﻳــﺔ ،ﺗﻔــﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤــﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ
ا / fا ، -و? #ى أن ﻭﺍﻟﺨﻄﺄ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻨــﻲ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻐﺮﺏ؛ ﺑﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ
ا ? -و-.ن )< ﺇﻧﺴﺎﻧﻴّﺎً ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ
وا ة ،إن ا!nرة ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ .ﺃﻣﺎ ﻋﺼﺮﻧﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻬﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ا :9 / fأن a " 0ﻼل
ﻣﺴــﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ
و،@* 1 -.
* Qق /ا! Lوا }.2
ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺗﻔﺘﺘﻪ؛ ﻳﺮﻯ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ
ﺣﺠﺮﺍ
ً ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻳﺠــﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺑﻨﺎﺅﻫــﺎ
ﺣﺠﺮﺍ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ً
ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﺟﻬﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻧﻪ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ .ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﻛﺄﺯﻣ ٍﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ.
ﻭﺗﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ .ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﻮﻕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻳﻀﺎً ﻫﺠﻮﻣﺎً ﻋﻠﻰ
ﻧﺎﻗﺪ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻕ ﺍﻷﺷــﻬﺮ ﺇﺩﻭﺍﺭﺩ ﺳــﻌﻴﺪ ﻣﺘﻬﻤﺎً ﺃﻋﻤﺎﻟــﻪ ﺑﺎﻟﻀﺠﺔ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺓ ﻭﻋــﺪﻡ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ،
ﻭﺑﺎﻟﺘﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻪ» ،ﺇﻥ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻳﻌﻤﻴﻪ ﻻ ﻋﻦ
ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻕ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ ـ ﻗﺪ ﺣﻄﻢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺃﻓﺮﻏﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﻬﺎ
ﺳﻌﻴﺪﺍ ﻻ
ً ﻋﻨﺼﺮﺍ ﺩﺍﺧﻠﻴّﺎً ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ..ﺇﻥ
ً ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ؛ ﺑﻞ ﻋﻦ ﻛﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻮﻳﺔ
ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻺﺳــﻼﻡ ﻭﺭﺅﻳﺘﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻭﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﻭﺑﺎﺣﺜﻴﻪ ﻭﻋﻠﻤﺎﺋﻪ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠّﻢ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺤﺎﻛﺎﺓ ﺳــﺎﺧﺮﺓ ﺑﺸﻌﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻪ ﻫﻮ
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻺﺳــﻼﻡ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﻭﺭﻭﺣﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺩﻉ ﻋﻨﻚ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺑﺪﺍﺋﻠﻬﺎ« ﺹ .137 ،136
Sohail Inayatullah and Gail Boxwell, Islam, Postmodernism and Other Futures: A Ziauddin 1ـ
Sardar Reader (London, Pluto Press, 2003) p. 1, 2.
395
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﻳﺮﻯ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ Futures Studiesﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻤﺎً ﺧﺎﻟﺼﺎً،
ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ؛ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋــﻦ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﻠــﻮﻡ ﺍﻟﺒﻴﻨﻴﺔ؛ ﻓﺄﻱ ﻋﻠﻢ
ـ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ـ ﺑﻨﻰ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﺴــﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻘﺪ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ .ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻳﻘﺘﻀﻲ »ﺃﻥ ﻧﻬﻤﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ
ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﻋﻠﻢ disciplineﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﻭﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺛﺎﺑﺘﺔ،
ﻭﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺳﺮﻳﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ،ﻭﺭﺟﺎﻝ ﻋﻈﺎﻡ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻮﺿﻊ ﺃﺳﺴﻪ ﻭﻛﻴﺎﻧﻪ ﺍﻟﻤﻬﻴﺐ«.1
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻜﻞ ﺍﻟﺒﻨــﻰ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳــﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻠﻴﺔ
ـ ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ـ ﻗﺪ ﺻﺎﻏﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ
ﻣﺤﺘﻞ ،ﻭﺗﺤﺮﻳﺮﻩ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻷﻛﺒﺮٌ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻘﻞ» ،ﺇﻧﻪ
2
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻏﺮﺑﻴﺔ « .ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﻮ ﺍﺳــﺘﻤﺮﺍﺭ ﻻﺳــﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ،ﻓﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻫﻲ
ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ ﻭﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ
ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ﻏﺮﺑﻴﺔ ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﻴﺰﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻼﺕ ﺳﺎﺩﺕ
ً ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺤﻴﺰﺍﺕ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺐ ﻳﺘ ﻢ ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،ﻭﻣﻦ
ﺍﻟﺴــﺬﺍﺟﺔ ﺃﻥ ﻧﺴــﺎﻭﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻐﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋــﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ
ﻭﺍﺣﺪﺓ؛ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ـ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ
ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ،ﺗﻠﻐﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺗﺘﻘﻠّﺺ ﺍﻟﻤﺴــﺎﻓﺎﺕ ـ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺑﺘﺸــﻜﻴﻞ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،3ﻭﻫﻲ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﺃﺷــﻜﺎﻝ ﺇﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳــﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ؛ ﺑﻞ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯﻫــﺎ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﺪﻋﻢ
ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﺴــﺎﺏ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻷﺧﺮﻯ .ﺇﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻬﻤﺶ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻏﻴﺮ ً ﺷﻜﻼ
ً
ﺃﺳﻴﺮﺍ ﻟﺮﺅﻳﺔ
ً ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺘﻞ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ .ﺇﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ـ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ـ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻛﺤﺮﻛﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻠﻴﺔ،
ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ُﺑﺪﺉ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﺄﺳﺴــﺔ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﻓﻲ ﺃﺭﻭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ
Ziauddin Sardar, the Namesake: Futures; Futures Studies; Futurology; Futuristic; Foresight. 1ـ
What›s In The Name?. Futures 42 (2010) 177–184.
Ziauddin Sardar, the Problem of Futures Studies. In Sohail Inayatullah and Gail Boxwell p. 247 2ـ
Ibid p. 250. 3ـ
396
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ؛ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴــﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳــﺎﺕ
ﺻﻨﻮﺍ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .1ﻭﻣﻦ ﺛَ ﻢ ﻳﺮﻯ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ
ً ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ
ﻣﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ـ ﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ً ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻐﺮﺏ ـ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﺣﺘﻼﻟﻪ .ﻭﻳﻀﺮﺏ ﻣﺜﺎ ًﻻ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺓ
ﻓﻲ ﻳﺪ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ» :ﻟﻘﺪ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ
ﺑﺎﻟﺸــﺮﻛﺎﺕ corporatisationﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺳــﻴﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺘﻘــﺎﺩ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻫﻲ
ﻣﻮﻃﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻧﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻧﻔﺴﻪ،
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪ ﻟﺪﻯ ﻣﺆﺳﺴــﺎﺕ؛ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ
،WFSﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺩﻭﺭﻳــﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴــﺔ The Futurist
إن أ 5 ) " laا' )ر ﱠ
ﻭﺇﺻﺪﺍﺭﺍﺗﻬﺎ ﺗﻌﻤــﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺤﻘــﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻢ
ا 2أ:< 5
إ" ,ا! $وا" 2)Q
ﻳﺨــﺪﻡ ﻣﺼﺎﻟــﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓــﺔ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪﺓ ﻣﺜﻠــﻪ ﻣﺜــﻞ
ا`ت اﻷ aى# . ﺍﻹﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ« .2
'ردار إ2#!* E ﺇﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﻣــﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ﺍﺳــﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺃﻧﻪ
ا را'ت ا < إE ﻳﺴــﻠﺐ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛــﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌــﻞ ﻣــﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ
aﻼ -3T " Kأنّ $
*وم ا#ا _Kا!.
ﺍﻷﺧــﺮﻯ .ﻳﺪﻋﻮ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺇﻟــﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳــﺎﺕ
ﺧﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ّ
ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻭﻛــﻲ ﻳﺘﺤﻘّﻖ ﻫﺬﺍ ﻳﺠــﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ
ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺃﻃﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻷُﻃﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻭﺇﻻ ﺳــﺘﻈﻞ
ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋــﻦ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻏﻴــﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻮﻋﻲ؛ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺳــﻠﻴﻤﺎً ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻧﺒﻊ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ،
ﻭﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻌﻜﺲ
ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴــﺘﺨﺪﻣﺔ ﻣﺼﺎﻟــﺢ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓــﺔ .ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺄﺧﺬ
ﻣﻔﻜﺮﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺍﻟﺠﺪ ﺳﺘﻘﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ﺃﺳﻴﺮﺓ
ﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻵﺧﺮ؛ ﺃﻱ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ .3ﺇﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﻣﺎ ﺧﻠّﻔﺘﻪ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﻌﻠﺖ
Ibid P. 251. 1ـ
Ibid P. 252. 2ـ
Ibid p. 259. 3ـ
397
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻧﻔﺴــﻬﺎ؛ ﻓﻌﻠﻰ ﺧﻄﻰ ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ،
ﻳﺆﻣﻦ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻨﺰﻑ
ﺩﻭﺭﺓ ﺻﻌﻮﺩﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﻳﻮﺍﺟــﻪ ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﺣﺎﻟﻴﺎً ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘــﻞ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﻟﻰ
ﺁﺳﻴﻮﻳﺎً ﺑﻘﺪﺭ
ّ ﺁﺳﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺗﺎﻥ ﺑﻘﻮﺓ ،ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ
ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘــﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴــﺔ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻵﺳــﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ـ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺛﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻧﻤﻮﻫﺎ ـ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺃﺳــﻴﺮﺓ ﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ،
ﻭﻻ ﺗﻌــﺪﻭ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻧﻔﺴــﻪ،
ﻭﻟﻜﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺁﺳــﻴﺎ ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ .ﻳﻘﺘﻀﻲ
ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
ً ﻓﻜﺮﻳﺎً ﺧﻼﻗﺎً ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮﺟﻬﺪﺍ ّ
ً ﻫﺬﺍ
* اث اﻹ'ﻼم ? :اﻷ#J
ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﺄﺳﺎﺱ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺪﻳﻞ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ.
ﻳﻨﻘﺪ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ـ ﺑﺸﻘﻴﻪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻲ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ـ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻳﻘﻮﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺜّﻠﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺟﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻟﻘﺪ ﺃﺳــﻬﻤﺖ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻜّﻠﺖ
ﻓﻜﺮ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﺗﺄﻃﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﺗﺒﺪﺃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ
ﺭﺅﻳﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ »ﻛﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻭﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ،ﻭﻧﻈﺎﻡ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ،
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﺴــﻼﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺴﻠﻤﺎً ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ
ﺗﺨﻀﻊ ﻃﻮﻋﺎً ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ،ﻭﺃﻥ ﺗﺠﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴــﻼﻡ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﻗﻴﻢ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﻋ ﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ
ﻭﺳــﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﺳﺎﺳــﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺷــﻜﻞ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ُ
ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ـ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﺃﻳﻀﺎً
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸــﺮﻱ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ ﻳﺼﺒﺢ
ﺍﻟﺨﻠْﻖ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺭﺟﺎ ًﻻ ﻭﻧﺴﺎﺀً ﻣﺘﺴــﺎﻭﻳﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ،ﺩﻭﻧﻤﺎ ﻧﻈ ٍﺮ ﻟﻠﻮﻥ
َ
ﻭﺍﻟﻌﺮﻕ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ـ ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻢ ﺧﻠﻔﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﺳﻴﺤﺎﺳﺐ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻰ
ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ .ﻭﺗﺘﺤﻘﻖ ﻣﺴــﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸــﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻔﻬﻮﻣﻴﻦ
398
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺇﺳــﻼﻣﻴﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ .ﺇﻥ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻤﺎ ٍﻥ ﺃﻋﻤﻰ ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻫﻲ
ﺇﻗﺎﻣــﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ .ﻭﻳﺘﺤﻘﻖ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠــﻢ ،ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺸــﻮﺭﻯ
ﻭﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣــﺔ .ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃــﺎﺭ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺃﺷــﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ
ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﻲ ﺣــﻼﻝ ،ﻭﺧﺎﺭﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻳﻜﻤــﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ .ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ
ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻱ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺇﺳــﻼﻣﻲ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺆﻃﺮ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳــﺐ ﻣﻊ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ .ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﻃﻮﻋــﺎً ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ،ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸــﺒﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ـ ﻫﻢ ﻣﺘﺮﺍﺑﻄﻮﻥ ﻓﻲ
ﺟﻤﺎﻋــﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻷُﻣــﺔ« ،1ﻳﺒﺘﻌﺪ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺑﻬﺬﻩ
'ردار ا,Q ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻟﻴﺔ
اﻹ'ﻼ" ـ 57/ا اV
وا! vـ " " #1ر #م
ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺰﻝ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻓﻲ
< Eاﻹن ) /د ﻋﺒــﺎﺩﺍﺕ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘــﻲ ﺗﻀﻌﻪ ﻓــﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸــﺮﻳﻌﺎﺕ
ا `ّ< -اﻹ'ﻼم، ﺍﻟﺠﺎﻣﺪﺓ؛ ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺗﺤﺎﻭﻝ ،ﺃﻥ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ
وا ) د -QJ#/ا! ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻔﻌــﻞ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﺑﺤﻴﺚ
ا ) lا أو .اﷲ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺇﻟﻰ »ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻋﺎﻟﻤﻴــﺔ ،ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ
ا .-< 7
ﺣﻜﻢ ﺗﺸــﺎﺭﻛﻲ ﻭﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴــﺔ ،ﻭﻛﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺎﺋﻢ
ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﻣﻠﺘــﺰﻡ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ،ﻭﻳﻘــﻮﻡ ﺑﺈﻧﺘﺎﺝ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ،
ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻷﻣﺔ .ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﺑﻘﺪﺭ
ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ،ﻭﺗﺴــﻌﻰ ﺇﻟــﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈــﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻔــﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻭﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻧﻈﺎﻣﻬﺎ .ﻭﻳﺮﻯ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺳــﺘﻜﻮﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ ﻭﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺔ؛ ﺇﺫ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﻛﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺗﺘﻄﻠﺐ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻋﺐﺀ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺃﺟﻴﺎﻝ
ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻬﺎ ﻭﺇﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻬﺎ«.2
Ziauddin Sardar, ‘Editor’s Introduction: Islam and the Future’, Futures, 23 (3), pp. 223–30 1ـ
(April 1991).
Sohail Inayatullah and Gail Boxwell opt Cit p. 8. 2ـ
399
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ﻳﺮﻯ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﺃﺯﻣــﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻗــﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻣــﻊ ﺇﻏﻼﻕ ﺑﺎﺏ
ﺍﻻﺟﺘﻬــﺎﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬــﻲ ،ﻟﻘﺪ ﺃﺩﻯ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴــﻤﻴﻪ
»ﺍﻟﻜــﻮﺍﺭﺙ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴــﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ« ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳــﺦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ،ﻭﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ
ﺗﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ،
ﻣﻘﺪﺱ ﻓﻲ ﻭﻣﺴــﺎﻭﺍﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ؛ ﻳﻘﻮﻝ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ» :ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ّ
ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﺸــﻲﺀ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻓﻲ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻘــﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ،ﺃﻣﺎ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺇﻧﺴــﺎﻧﻲ ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ،
ﺇﻥ ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ ﺟﺰﺋﻬﺎ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻫﻲ ِﻓﻘــﻪ ،ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻭ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﺭﺍﺀ ﺷــﺮﻋﻴﺔ
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳــﻲ ﺑﺪﻋﺎًﻟﻠﻤﺸــﺮﻋﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ »ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ« ،ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ِ
ﺣﻴﺚ ﺗﻤــﺖ ﺻﻴﺎﻏﺘــﻪ ﻭﺗﻘﻨﻴﻨﻪ .ﻭﻓﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠــﺔ ـ ﻋﺒّﺮ ِ
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻋــﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ
ﺍﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ـ ﻭﻋﻠﻰ ﺳــﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺍﺳــﺘﻤﺪﺕ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻓﻴﻤﺎ
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟــﺮﺩﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ )ﺍﻟﺘﻮﺳــﻌﻲ( ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴــﻴﺎﻕ
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺴﻴﻄﺎً ،ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻄﻮﺭ ﻓﻴﻪ ِ
ﺍﻟﻔﻘــﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ،ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺃﺳــﻮﺩ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻇﻬــﺮ ﻓﻲ ِ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻈﻠّﺖ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺣﺒﻴﺴﺔ
ﻣﺪﻭﻧﺎﺗﻬﻢ ﻭﻧﻈﺮﻳــﺎﺕ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﺪﻳﻠﻬﺎ؛ ﺇﺫ ﻟﻢ ﻳﺴــﺘﻄﻊ ﺍﻟﻔﻘﻬــﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﺍ
ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ،ﻭﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ.
ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ« .1 ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻄﻮﺭ ِ
ﻭﺗﺆﺩﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﺃﺧﺮﻯ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺰﻉ ﺍﻟﺴــﻠﻄﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﻃﺎﻟﻤــﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧــﻮﻥ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ »ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ« ﻣﻌﻄــﻰ ﻣﻘﺪﺱ ﻓﻼ ﻣﺠــﺎﻝ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ
ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ،ﻭﻫﻨﺎﻟــﻚ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﺘﻠ ٍﻖ ﺳــﻠﺒﻲ ،ﻻ ﻓﺎﺋــﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﺤﺜﻪ ﻟﻤﺎ
ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ .ﻳﺆﻛﺪ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ ـ ﻓﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ـ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻻ
ﻣﺒــﺎﺩﺉ ﻭﻗﻴﻤﺎً ﺗﺴﺘﺮﺷــﺪ ﺑﻬــﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌــﺎﺕ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ،ﺇﻧﻬــﺎ ﻣﻨﻬﺎﺟﻴﺔ ﻟﺤﻞ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ،ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ،ﻭﻳﺘﻄﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺒﺬﻟﻮﺍ
ﺟﻬﺪﺍ ،ﻭﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪﻭﺍ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ .2
ً
Ziauddin Sardar, Rethinking Islam, in Sohail Inayatullah and Gail Boxwell, opt cit p. 28-29. 1ـ
Ibid p. 29. 2ـ
400
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ اﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ﺍﻷﺧﻴــﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳــﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﻟﻺﺳــﻼﻡ؛ ﻓﻬﻲ
ﻣﺴــﺎﻭﺍﺓ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻭﻓﻘــﺎً ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒــﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺳــﻼﻡ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ ،ﻳــﺮﻯ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﺧﺘــﺰﺍﻝ ﺁﺧﺮ ﻟﻺﺳــﻼﻡ ﻳﻀﻌﻪ ﻓــﻲ ﻣﻘﺎﻡ
ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴــﺎ ،ﻭﻳﻀﻊ ﻫــﺬﻩ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺩﺍﺧــﻞ ﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟــﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؛ ﻭﺫﻟﻚ
ﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ »ﺇﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺳﺨﻴﻔﺔ .ﻭﺍﻷﺧﻄﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ـ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ـ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺣﺮﻛﻴﺔ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﻘﺪ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ،
ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺳــﺎﺣﺔ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴــﺔ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ
ﱠ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ« ،ﺗﻘﻮﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴــﺔ ﺍﻟﺘﻮﺗﺎﻟﻴﺘﺎﺭﻳﺔ
اﻹﻼم إن
ٌ
ن ـ و ً ردار ـ ﻋﻨﺪ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻌــﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟــﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻜّﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ
$ %رة ا" "! ﺷﻲﺀ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻭﺗﺒﻨﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ
ﻼج داء اﻷ'!& ﺗﻘﻮﻯ ﺑــﻼ ﻣﻌﻨــﻰ ،ﻭﺗﺠﻌﻞ ﻣــﻦ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﺳﻴﺎﺳــﻲ
وا"1د ا/0ي ،وذ+ ﺇﺳﻼﻣﻴّﺎً ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً .ﺇﻥ
5ﻼل $3$14اﻷ'ل ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻟﻴﺔ ﻟﻴﺴــﺖ ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ؛ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ
ا 6! 7/43 8اﻹﻼم
ﻭﺻﻠﺖ ﺣﺎﻟﻴــﺎً ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﻭﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ
%ره ٴ
رو.&!:; &3
ﺣﺎﻟﺔ ﻣــﻦ ﺍﻟﻌﺒﺜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ،ﻛﻤــﺎ ﺩﻟّﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ
ﺗﺠــﺎﺭﺏ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸــﺮﻳﻌﺔ ﺗﺤﺖ ﺣﻜــﻢ ﻃﺎﻟﺒﺎﻥ ﻓﻲ
ﺃﻓﻐﺎﻧﺴــﺘﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴــﻮﺩﺍﻥ ،ﻭﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺇﺳــﻼﻣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ .ﻟﻘﺪ ﺩﻓﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ
ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ.1
ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ً
ﻣﺮﻫﻮﻥ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﺝ ٌ ﺇﻥ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ـ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﺴﺎﺭﺩﺍﺭ ـ
ﺩﺍﺀ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ،ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺰ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺭﺅﻳــﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ .ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺭﻓــﺾ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ
ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻓﻬﻮ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ ـ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪﻱ ﺃﺷــﻴﺲ ﻧﺎﻧــﺪﻱ ـ ﺃﻧﻪ ﺗﻘﻠﻴﺪﻱ
ﻧﻘﺪﻱ ﻻ ﻳﻘﺒــﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺑﺸــﻜ ٍﻞ ﺃﻋﻤــﻰ؛ ﻓﺎﻟﺘﻘﺎﻟﻴــﺪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺒﺘــﺪﻉ ﻭﺗﺨﺘﺮﻉ
ﺑﺎﺳــﺘﻤﺮﺍﺭ ،ﻭﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﻛﻮﻥ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔــﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻤﺎﻁ
ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻭﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﻟﻘﺮﻭﻥ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻘﺪﺳــﺔ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ.
Ibid p. 29-30. 1ـ
401
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
ٍ
ﻛﺒﻨﺎﺀ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﺇﻧﺴــﺎﻧﻲ ،ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﺸــﺮﻳﻌﺔ
ﻳﺠﺴﺪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻭﺟﻮﻫﺮﻩ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ّ
ﺗﺄﻭﻳﻠﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﻛﻞ ﺳــﻴﺎﻕ ﻭﺑﻔﻬﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺤﺴﺐ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻟﻤﻘﺘﻀﻰ
ﺁﻳﺎﺗﻪ .ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺠﺪﺩ ﻓﻬﻤﻪ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻐﻴّﺮﺕ ﻇﺮﻭﻑ
ﺗﺪﻋﻲ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺗﺘﺤﻄﻢ ﻛﻞ ﺳــﻠﻄﺔ ّ
ﺍﻟﺒﺸــﺮ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﻢ .ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳــﺪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ّ
ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ.
ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﻧﻘﺪﻩ ﻟﻠﺘﺮﺍﺙ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻲ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﺪﺍﺛﻴﺔ ،ﺗﻘﻮﻡ
ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ .ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ ﺳﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻭ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻫﺪﻣﻬﺎ ،ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻴﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﺍﻟﻬﺪﻡ
ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮ ﻧﻘﺪ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ .ﻣﺜﻠﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺳــﻠﻤﺎﻥ ﺭﺷــﺪﻱ )ﺁﻳﺎﺕ
ﺷــﻴﻄﺎﻧﻴﺔ( ﻭﺍﻟﻀﺠــﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺛﻴــﺮﺕ ﺣﻮﻟﻬﺎ ـ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌــﺪ ﻓﺘﻮﻯ ﻣﺮﺷــﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ
ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﺁﻳﺔ ﺍﷲ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺑﻘﺘﻞ ﺭﺷــﺪﻱ ـ ﺍﻧﻌﻄﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ؛ ﻟﻘﺪ
ﺗﻨﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺜﻠﻪ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﺑﺸﻜ ٍﻞ
ﻋﺎﻡ ﻭﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ .ﻭﻣﺎ ﺑﻌــﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ـ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﺴــﺎﺭﺩﺍﺭ ـ ﻫﻲ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻌــﺪﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤــﺪﻭﺩ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴــﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤــﻮﺕ ،ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ
ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ،ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺰﻳﻒ .ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻔﺰﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﻛﻞ ﺷﻲﺀ
ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮﻩ ﺑﻤﻄﻠﻘﺎﺕ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴﺔ ،ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺭﺷﺪﻱ ﻭﻓﺘﻮﻯ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ
ﺗﺠﺴﻴﺪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺴــﺘﺒﺎﺡ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺭﺷــﺪﻱ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﺗﻜﺒﻪ ﺭﺷﺪﻱ 1ـ ﺑﺮﺃﻱ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ـ ﻫﻮ ﺃﻧﻪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ
ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻫﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ،ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ
ﺗﻤﺮﺩﺍ ﻭﻫﺪﻣﺎً ﻟﺴﺮﺩﻳﺎﺕ
ً ـ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ
ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺒﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ـ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺳــﺘﻤﺮﺍﺭ ﻟﻺﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻴﺔ .ﻭﻫﻮ ﻳﻀﻊ ﺭﺷــﺪﻱ ﻛﻨﻤﻮﺫﺝ ﻻﺳــﺘﻤﺮﺍﺭ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴــﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺆﺳﺴــﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻕ .ﻳﺘﺤﺪﺙ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻋــﻦ ﻧﺎﻳﺒﻮﻝ ﻭﺭﺷــﺪﻱ ﺑﻮﺻﻔﻬﻤﺎ
1ـ ﺧﺼــﺺ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻣﺆﻟﻔــﻪ
)Distorted Imagination: Lessons from the Rushdie Affair (1990
ﺑﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻣﻊ ﻣﻴﺮﻳﻞ ﻭﺍﻳﻦ ﺩﻳﻔﺰ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﺭﺷﺪﻱ ﻭﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ.
402
ﺿﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎردار ..ﻣﻄﺎرﺣﺔ ا)ﺳﻼم واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺃﻧﻤﻮﺫﺟﺎً »ﻟﻠﺴــﻴﺪ ﺩﺍﻛﻦ ﺍﻟﺒﺸــﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸــﺮﻗﻦ« ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﻓﻲ
ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﻻ ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ
ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺗﺴــﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﻠﻬﺚ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ ﺍﻷﻧﻔﺎﺱ
ﻳﺎﺋﺴﺔ ﻛﻲ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺃﻭ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ،ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .ﺗﻬﺪﻑ )ﺁﻳﺎﺕ ﺷــﻴﻄﺎﻧﻴﺔ( ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻏﺰﻭﻫﺎ ﺃﺭﺽ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳــﺔ
ﻭﻋﻠﻤﻨﺘﻬﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ،ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﻠﺤﻘﺎً ﺑﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ،
ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﺳــﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺗﻨﻮﻳﺮﻳﺔ ،ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﺎﺓ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ .ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻳﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻐــﺮﻭﺭ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﻛﺐ ﺳــﺎﻡ ﻗﺎﺗﻞ ،ﻭﻫــﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﺑﺮﻣﺠﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺩﺍﻛﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ
Rم 'ردار ه ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ .ﻭﻟﻜﻮﻧﻬﻢ ﺑﺪﻻﺀ ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﻴﻦ ﻣﺜﺎﻟﻴﻴﻦ،
< اث اﻹ'ﻼ" أدوات ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻟﺴــﺎﺩﺓ ﺩﺍﻛﻨﻮ ﺍﻟﺒﺸــﺮﺓ ﺍﻟﺮﻏﺒــﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ
ا#* ،Vم <E " )/
ﺣﺪﻭﺩﺍ
ً ﻟﺴﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺑﻠﻮﻏﻬﻢ
* ' o,Qد ا) 7
و'< lا-Qء وا)<ء.
ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻐﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸــﺮﻗﻮﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴــﻬﻢ .ﺇﻧﻬﻢ
دون أن ) ?Cا ا#ل ﺗﺄﻛﻴــﺪﺍ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ
ً ﻳﻮﻓﺮﻭﻥ ـ ﻓــﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴــﻞ ﺍﻷﺧﻴﺮ ـ
' - /د ا ) 7أو ﺍﻟﺬﻱ ﻃﻮﺭﻩ ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ :ﺩﻭﻧﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
"!و ? ".- ﻭﺗﺨﻠﻔــﻪ .ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴــﺒﺐ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻤﻔﻜــﺮ ﺍﻟﻬﻨﺪﻱ
ﺁﺷــﻴﺲ ﻧﺎﻧﺪﻱ ﺃﻋﻤــﺎﻝ ﻧﺎﻳﺒﻮﻝ ﻭﺭﺷــﺪﻱ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ
ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻨﺎﺳﺐ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ« .1
ﺑﺬﻛﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺰﻉ ٍ ﻳﺸﻴﺮ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ
ﻭﺍﻟﻌﺪﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻠﻘﻬﺎ ﻣﺎ ﺑﻌــﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﺣﻴﺚ ﺗﺘﻘﺎﺑﻞ ﺻﻮﺭﺗﺎ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ
ﻭﺭﺷﺪﻱ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻴﺸﻪ ﻫﻮ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ،ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ،ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﻷﻃﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﻮﺩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﻗﺪﺭﺓ
ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻭﺍﻗﻊ ﻭﻣﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺧﻼﻕ .ﻟﺬﺍ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ
ﺑــﻪ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴــﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣــﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﺍﻟﺴــﻠﺒﻲ ﻋﻠــﻰ ﺍﻟﺮﺅﻳــﺔ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ
ﺍﻟﺮﺃﺳــﻴﻦ
ْ ﻟﻺﺳــﻼﻡ» ،ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻘﺒﻞ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑــﻲ ﻳﺘﻄﻠــﺐ ﻗﺘــﻞ ﺍﻟﺤ ﻴــﺔ ﺫﺍﺕ
1ـ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ،ﺍﻻﺳﺘﺸﺮﺍﻕ ،ﺹ .162 ،161
403
ﻣﺪن وﺛﻘﺎﻓﺎت
)ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ( ﻭﺇﻃﻼﻕ ﻃﺎﻗــﺔ ﺍﻟﺘﺨﻴّﻞ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺬﻭﺍﺕ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻵﺳﻴﻮﻳﺔ«.
ﻳﺮﻯ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻤﺴــﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ
ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻫﻮ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﻢ ﻷُﺳــﺲ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ،ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﺳــﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﻛﻤﻨﻬﺞ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ
ﻋﺎﻟﻢ ﺳــﺮﻳﻊ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ .ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺔ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻫﻮﻳﺔ
ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ؛ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺳﺒﻞ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﻷﺻﻞ ِ
ﻟﻴﺤﻴــﺎ ،ﻭﻟﻴﺪﺭﻙ ﺍﻟﻘﻴــﻢ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ :ﺍﻟﻌﺪﺍﻟــﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴــﺎﻭﺍﺓ
ﻭﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ،ﻭﻟﻴﺴــﺖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺇﻻ ﻃﺮﻳﻘــﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ
ﻳﻨﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻛﻲ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺭﺅﺍﻫﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ
ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ.
ﻳﻘﺪﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺛﺮﺍﺀ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻭﻏــﺰﺍﺭﺓ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﻭﺗﻨﻮﻋــﻪ ،ﻓﻠﻢ ّ
ﻗﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻓﻤﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﻟﻢ ُﻳﺘﺮﺟﻢ ﺑﺸﻜ ٍﻞ ٍ
ﻛﺎﻑ ﺇﻟﻰ ّ
ﺳــﻮﻯ ﻛﺘﺎﺏ »ﺍﻻﺳﺘﺸــﺮﺍﻕ« ﺍﻟﺬﻱ ﺻــﺪﺭ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸــﺮ ﻋﺎﻣﺎً ﻣــﻦ ﺻﺪﻭﺭﻩ
ﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ 2012ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﻓﺨﺮﻱ ﺻﺎﻟــﺢ .ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺪﻡ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ؛ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﺃﻧﻤﻮﺫﺟﺎً ﺗﻘﺪﻣﻴّﺎً ﻟﻸﻃﺮ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪﺓ
ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﺎﺭﻋــﺔ ،ﻓﻬﻮ ـ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ـ ﻳﻘــﻒ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻣﺨﺘﻠﻔــﺔ ،ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ
ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﺪ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺃﻧﻤــﻮﺫﺝ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﻳﺴــﺘﺨﺪﻡ ً
ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑﺪ ًﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺎﺭﻉ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ .ﺣﺎﻭﻝ ﺳــﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺃﻥ
ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ً ﻳﺒﻨﻲ ﺃﻧﻤﻮﺫﺟﺎً ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ 1ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﺮﺳﻢ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﺒﺮ ﻗﻴﻤﻪ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ .ﺇﻧﻪ ﻳﻘﺮﺃ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺈﻃﺎﺭ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴــﺘﻮﻳﺎﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻄﻔﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻴﻦ:
ْ ﻳﺤﺪﺛﻬﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺷــﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻮﻻﺕ ﻛﺒﺮﻯ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻭﺍﻟﻄﻮﻳﻞ .ﺗﻘﻮﺩ ﺳﺎﺭﺩﺍﺭ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺭﻭﺡ ﺗﻔﺎﺅﻟﻴﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﻓﺮﻫﺎ ﺍﻹﺳــﻼﻡ ﻟﻠﻌﻤﻞ ،ﻭﺑﻘﺪﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴــﺎﻥ ﻋﻠــﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺼﻴﺮﻩ
ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
Ziauddin Sardar, What Do we Mean by Islamic Futures? In Ibrahim Abu-Rabi’ ed. The 1ـ ﺍﻧﻈــﺮ
Blackwell Companion to Contemporary Islamic Thought. (London, Blackwell 2006). P. 562-586.
404
